سورة يوسف - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)}
33- قال يوسف- وقد سمع منها التهديد والوعيد، وسمع منهن النصح بمطاوعتها- يا رب: السجن أحب إلى نفسى مما يطلبنه منى لأن في هذا معصيتك، وإن لم تحوّل عنى شر مكرهن وكيدهن أمِل إليهن، وأكن من السفهاء الطائشين.
34- فاستجاب الله له، فصرف عنه شر مكرهن، إنه هو- وحده- السميع لدعوات الملتجئين إليه، العليم بأحوالهم وبما يصلحهم.
35- ثم ظهر رأى للعزيز وأهله، من بعد ما رأوا الدلائل الواضحة على براءة يوسف فأجمعوا على هذا الرأى، وأقسموا على تنفيذه، وهو أن يدخلوه السجن إلى زمن يقصر أو يطول، لكى يدفع مقالة السوء عن امرأته ويُبْعدها عن الغواية.
36- ودخل السجن مع يوسف فتيان من خدام الملك، قال له أحدهما: لقد رأيت في منامى أنى أعصر عنباً ليكون خمراً، وقال له الآخر: لقد رأيت أنى أحمل فوق رأسى خبزاً تأكل منه الطير، خبّرنا يا يوسف بتفسير هذا الذي رأيناه ومآل أمرنا على هداه. إنا نعتقد أنك من الذين يتصفون بالإحسان وإجادة تفسير الرؤى.
37- قال لهما- يؤكد ما علماه عنه- لا يأتيكما طعام يُساق إليكما رزقاً مقدراً لكما إلا أخبرتكما بمآله إليكما قبل أن يأتيكما، وذكرت لكما صنعته وكيفيته، ذلكما التأويل للرؤيا والإخبار بالمغيبات مما علمنى ربى وأوحى به إلىَّ. لأنى أخلصت له عبادتى، ورفضت أن أشرك به شيئاً، وابتعدت عن دين قوم لا يصدقون بالله، ولا يؤمنون به على وجه صحيح، وهم بالآخرة وحسابها منكرون كافرون.


{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)}
38- إني تركت ملة هؤلاء الكافرين، واتبعت دين آبائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فعبدت الله- وحده- فما صح لنا أن نجعل لله أي شريك من أي شيء كان، من مَلَك أو جنى أو إنسى، فضلا عن الأصنام التي لا تنفع ولا تضر ولا تسمع ولا تبصر، ذلك التوحيد مما تفضل به الله علينا وعلى الناس، إذ أُمرنا بتبليغه إليهم، ولكن أكثر الناس لا يتلقون هذا الفضل بالشكر بل بالكفر.
39- يا صاحبى في السجن: أأرباب شتى كثيرة يخضع المرء لكل واحد منها خير، أم الله الواحد الذي لا يغالب؟.
40- ما تعبدون من غير الله إلا أسماء أطلقتموها أنتم وآباؤكم على أوهام لا وجود لها، ما أنزل الله بتسميتها آلهة من حُجة وبرهان، ما الحكم في أمر العبادة وفيما يصح أن يعبد وما لا تصح عبادته، إلا لله أمر ألا تخضعوا لغيره وأن تعبدوه- وحده- ذلك الدين السليم القويم الذي تهدى إليه الأدلة والبراهين، ولكن أكثر الناس لا يسترشدون بهذه الأدلة، ولا يعلمون ما هم عليه من جهل وضلال.
41- يا صاحبى في السجن، إليكما تفسير مناميكما: أمَّا أحدكما الذي عصر العنب في رؤياه فيخرج من السجن ويكون ساقى الخمر للملك، وأما الثانى فيُصلَب ويُترك مصلوباً فتقع عليه الطير وتأكل من رأسه، تم الأمر على الوجه الذي بينته فيما تطلبان فيه تأويل الرؤيا.
42- وقال للذى توقع النجاة منهما: اذكرنى عند الملك- بصفتى وقصتى- عساه ينصفنى وينقذنى مما أعانيه، فشغله الشيطان وأنساه أن يذكر للملك قصة يوسف، فمكث يوسف في السجن سنين لا تقل عن ثلاث.


{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48)}
43- وقال الملك: إني رأيت في منامى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ضعاف، ورأيت سبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات أخر يابسات.. يا أيها الكبراء من العلماء والحكماء أفتونى في رؤياى هذه إن كنتم تعرفون تفسير الرؤى وتفتون فيها.
44- قالوا: هذه أخلاط أحلام باطلة، ووساوس تهجس في النفس، وما نحن بتفسير الأحلام الباطلة بعالمين.
45- وقال الذي نجا من صاحبى يوسف في السجن، وتذكَّر بعد مضى مدة طويلة وصية يوسف، أنا أخبركم بتأويل الحديث الذي ذكره الملك، فأرسلونى إلى من عنده علم بتأويله آتكم بنبئه.
46- مضى الساقى إلى يوسف حتى جاءه فناداه: يوسف- أيها الحريص على الصدق- أفتنا في رؤيا سبع بقرات سمان يأكلهن سبع ضعاف، وفى رؤيا سبع سنبلات خضر وأخر يابسات. أرجو أن أرجع إلى الناس بفتواك عساهم يعلمون معناها، ويعرفون لك علمك وفضلك.
47- قال يوسف: تفسير هذه الرؤيا أنكم تزرعون الأرض قمحاً وشعيراً سبع سنين متواليات دائبين على العمل في الزراعة، فما تحصدونه احفظوه فاتركوه في سنبله، إلا قليلا مما تأكلونه في هذه السنين، مع الحرص على الاقتصاد.
48- ثم يأتى بعد هذه السنين المخصبة سبع سنين مجدبة، تأكل ما ادخرتم لها، إلا قليلا مما تخبئونه وتحفظونه، ليكون بذراً لما تزرعونه بعد ذلك.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8